By
Maulana Wahiduddin Khan
مصدر: The Age of Peace (Arabic)

هذه آية من القرآن الكريم لها صلة بحال المسلمين اليوم يقول تعالى: «والله يدعو إلى دار السلام» (سورة يونس 26). إن المقصود هنا بدار السلام هي الجنة، فالجنة هي مكان السلام المثالي، فالله سبحانه وتعالى يدعو كل البشر ليسلكوا سبل السلام في هذه الحياة الدنيـا حـتـى يفوزوا بالجنة، فعليهم أن يوطنوا أنفسهم على اتباع سبل السلام والانخراط في بيئة السلام.

كذلك يصـف الله بيئـة الجنة في آية أخرى بهذه الكلمات: «ولا يسمعون فيها لغوا ولا تأثينا إلا قيلا سلاما سلاما»، (سورة الواقعة 25-26)، هـذا أفضـل وصف للجنة إنها المكان المثالي والمجتمع الأمثل والأكمل، فـلا انزعاج ولا نصـب فيها، إن بيئة السلام هـي ما يسـود الجنة، وهـذا الوصـف يجعل الأمر يتضمن هذا التحذير للبشر: أيها الناس إن أردتم أن تضمنـوا دخول الجنة، فيتحتم عليكم أن تتركوا جميع أنواع العنف، وأن تنخرطوا في بيئة السلام، فالجنـة مـكان يخلـو مـن الكراهية، وأن هؤلاء الذين يعيشون في هذه الحياة الدنيا في حالـة مـن الكراهيـة فـلـن يجدوا لهم مستقرا فيها.

(Highlight1]

بكل معنى الكلمة، وقـد وقـعـت معارك عديدة في زمنه إلا أنها جميعـا كانـت معـارك دفاعيـة، وأحـد هـذه المعارك غـزوة بـدر التـي وقعت سنة 624م، و في الأثـر نـجـد أنـه أثناء المعركة كان جالسا في معسكره بعيـدا عـن مـكان المعركة، وقـد شـوهـد وهـو يرسـم بعـض الخطـوط على الرمـل وقـد علـق أكبر خـان على ذلك قائلا: «إن قائد المسلمين يخطط للمعركة القادمة» هذا الرأي بني على التخمين ولم يأخذ في الحسبان الحقائق، فعندمـا تـدرس الأحاديث الأخـرى يتبين لنا بكل وضوح أنه كان يخطط لإحلال السلام في المستقبل.

يمكـن أن ندرك هـذا الأمر من خلال الحديث التالي: كان الرسول صلى الله عليه وسلم جالساً بين أصحابه إذ جاءه جبريل وكان معه ملك لم يطأ الأرض إلا في تلك اللحظة منذ خلقت فقال له: يا محمد إن الله بعثني لأخيرك بين أن تكون ملكاً رسـولا أو نبيا رسـولا؟ فأشـار عليـه جبريل أن يختار الوسطية لأجـل ربـه، فاختـار أن يكون رسـولاً نبياً. مسند أحمد حديث رقم 7160.

إن هذا الحديث يبين لنـا كيف كان يفكر الرسول فلـم يكـن عقلـه سياسياً بل كان عقـلاً نبوياً، فـلـم يكـن هـمـه إقامة الحـكـم في العام ولكـن إبـلاغ الرسالة غير السياسية للناس. هناك أيضـا دعـاء للرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيه: (اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام اللهم أحينا بسلام وأدخلنا الجنة دار السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام).

مـن هـذا الدعـاء وهذه الكلمات وكذلك ما حدث بعد المعركة يتبين لنا أن الأمر كان مختلفاً تماماً، لقد خاض الرسول تلك المعركة وهـو مـكـره لأن أعـداءه قـد أجبروه عـلى ذلك، أما في المعارك التالية فقـد حـاول باستمرار تفادي الوقوع في القتال إلى أقصى حد، وفي نهاية الأمر، وفي أثناء المفاوضـات قبـل بـشروط الأعـداء متنازلاً مـن طرفه حتى يحل السلام بين الطرفين، وبهذا ظهـر إلى الوجـود صلح الحديبية.

(Highlight2]

إن الحقيقـة هـي ، أن الحـرب إنمـا هـي ضـد خطـة اللـه في الخلق. فطبقا لخطـة اللـه عـلى كـل فـرد ولد على وجه الأرض أن يبني نفسـه ويطورهـا باتباع السبل الروحية، وعليه أن يزيل جميع الأمـور السلبية مـن نفسـه لتحل محلها الأمـور الإيجابية حتى يصبح تفكيره إيجابيا بالكامل، فطبقا للقـرآن عـلى كل فـرد أن يجاهد نفسه حتى يسمو بهـا ويكتسب أخلاقاً سـامية. قال تعالى: « وإنك لعلى خلق عظيم » ، ( سورة النساء 4).

باختصار فإن خطـة الله تقتضي أن يستمر البناء الأخلاقي دون عراقيـل ومنغصات أمام الجميع، ولكي يكون مثمراً وبنـاء، يجب أن يكون في بيئـة مـن السـلام، وليس بيئة العنف والقتال، وبهـذا فـإن تجار الأسلحة ومروجيها لا يعملون فقـط ضـد البـشر ولكـن ضـد خطة الله.

إن اختيار الحرب باعتبارها وسيلة جريمة لا يغفرها الله، والدليل الواضح عـلى هـذا أن هؤلاء الذين جعلوها وسيلة لم يستطيعوا أن يحققوا أهدافهـم التـي يطمحون إليها رغـم كـل مـا بذلوه مـن تضحيات ولعقود طويلة، فالحقيقة هي أن كل الذي جنوه من ذلك هـو الدمار والهـلاك لنفـوس المسلمين وغيرهم.

Related Tags

QURANIC VERSES10:264:4
Share icon

Subscribe

CPS shares spiritual wisdom to connect people to their Creator to learn the art of life management and rationally find answers to questions pertaining to life and its purpose. Subscribe to our newsletters.

Stay informed - subscribe to our newsletter.
The subscriber's email address.

leafDaily Dose of Wisdom